كل رمضان تتغير حياتي جذريا، من الاستيقاظ باكراً في الثالثة صباحاً لتجهيز الطعام من اجل السحور، حتى قضاء 30 يوما تتمحور اجتماعيا حول الافطار, يكون كل شيء أكثر جنوناً و أكثر هدوءً في نفس الوقت.
عندما كنت طفلة, رمضان كان شهر التشوق والمرح والتجارب الجديدة. كان كله عبارة عن الاستيقاظ مبكراً للسحور, الأكل حتى الفجر ثم النوم مباشرةً بعد الصلاة, ثم النوم لبضع ساعات حتى استيقظ للذهاب للمدرسه. كان عبارة عن نوم, وصلاة وانتظار المغرب حتى اكسر صومي وآكل. هذا باختصار يوم طبيعي في رمضان بالنسبة لي. الان, كأم ناضجة، رمضان يعني الكثير والكثير.
هو المسؤولية، وهو القيام بأشياء تبدو مملة إذا قارنتها برمضان في طفولتي .. هو الاستيقاظ مبكراً لتحضير السحور.
هو عن ايجاد طرق لتعليم ابنتي (بكلامي وأفعالي) معنى وأهمية رمضان.
هو عن التركيز أكثر على صلواتي وأقل على ماتفعله ابنتي من مآسي وأنا صلي.
هو التحلي بالصبر, والطيبة والتقوى عما قبل.
رمضان الان هو أكثر من أن تكون مسلماً افضل .. هو أن تستغل الروتين المختلف.
بالتأكيد ذلك لا يعني أن رمضان ليس مرحاً. افطار عائلتنا شهير بالمرح والضحك. نجتمع سوياً, نفطر, نأكل, نصلّي, نشرب كثيراً من الشاي, ونخرج سوياً كلما نستطيع.
بما أني ربة منزل, اختصر ساعات عملي لكن علي أن اأحافظ على مواعيدي التقليدية. للأسف احتاج شيئين لأعمل: معدة ممتلئة, وقليل من الهدوء.
الاثنين يستحيل إيجادهما عندما تصوم ويكون لديك طفل صغير في المنزل، وهذا يعني أن أحد أفضل ما يمكنني عمله من أفعال (عندما استطيع) أن اظل مستيقظة طوال الليل أعمل في المنزل، مستغلة نوم طفلي ثم أخلد للنوم بعد السحور.
بالطبع, الاستيقاظ طوال الليل يعني أنني أبدو كأنني في غيبوبة طوال النهار, لكن الجيد في الأمر انني أمضي نهاري في النوم المتأخر وأخذ القيلولة، بينما ابنتي تفلت من العقاب عند الخطأ، وهو ما لا يحدث عادةً في غير رمضان.
بصراحة لا أملك خيارات كثيرة، وهي تحصل على الكثير من المرح والمتعة.
من منظوري, رمضان يجب ان يكون مرحاً للراشدين والأطفال سواسيةً. الصوم صعب بما فيه الكفاية, اذا كنت لا تستطيع ان تجعله مشوقاً لك ولعائلتك, انت لا تفعله بالطريقة الصحيحة.